هكذا دخلت إيران وتركيا إلى الحرب في أوكرانيا!

كتب رأفت حرب

اعتاد متابعو الحروب، خاصة تلك التي تلت الحرب العالمية الثانية، أن يلاحظوا تدخل الدول الكبرى بما يحصل من اقتتال داخل دول الصغرى، أو ما بين هذا النوع من الدول، أو تلك المتوسطة الحجم، إلا أنّ الحرب الدائرة في أوكرانيا عكست هذه الآية تماماً.

تركيا، كدولة متوسطة القوة، رأى العالم كله بصمتها في المعارك التي شنتها القوات الأوكرانية ضد القوات الغازية الروسية. ومع أنّ كييف، كما يعلم الجميع، تقاتل نيابةً عن حلف شمال الأطلسي، إلا أنّ طرفاً ثانوياً كأنقرة كان هو من أرسل أكثر الأسلحة فاعلية: طائرات مسيّرة من طراز “بيرقدار”.

ذاع صيت هذه المسيّرات في شمال سوريا، عندما استهدفت من خلالها القوات التركية المقاتلين الكرد وحزب الله اللبناني وآخرين.

بعد هذه المعارك، كتبت وسائل إعلام غربية عدة عن طلب عالمي على هذه المسيّرات وانشغال وزارة الدفاع التركية ببيع إنتاجها إلى جهات عدة.

عندما وصلت هذه المسيّرات إلى القوات الأوكرانية، وحققت من خلالها نتائج إيجابية واضحة آلمت الجيش الروسي، راح الأوكرانيون ينشدون ويهتفون بعبارات خاصة مدحاً بمسيّرات “بيرقدار”.

من جهة أخرى، كانت هناك دولة وحيدة في العالم حققت مسيّراتها نتائج ملفتة ليذيع صيتها في العالم أيضاً: إنها إيران، التي قدمت كل ما لديها من تكنولوجيا لحركة أنصار الله في اليمن لصناعة المسيّرات من أجل استهداف المدن السعودية – تحديداً آبار النفط.

على إثر ذلك، اشتعلت مراكز “أرامكو” مرات عدة مما هزّ العالم وأسعار الطاقة، وذلك رغم حصول السعوديين على أحدث أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لحماية منشآتهم النفطية. لم تنفع هذه الأنظمة. حققت المسيّرات الإيرانية، أو اليمنية، أهدافها وآلمت السعوديين ومن خلفهم الغرب الذي لم يكن ليدّخر جهداً من أجل حماية احتياطيات النفط الضخمة في المملكة.

اليوم يكشف مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان عن معلومات استخبارية تملكها واشنطن تؤكد منح إيران طائرات مسيّرة لروسيا – بالمئات – بهدف استهدافها في أوكرانيا، وتدريب الجيش الروسي على هذا الاستخدام.

هكذا دخل لاعبان إقليميان على خط لعبة عالمية تدور على الحدود الشرقية لروسيا، والحدود الغربية لحلف شمال الأطلسي.

والمفارقة هي أنه كما لم تؤدِّ مسيّرات “بيرقدار” إلى تراجع العلاقات الممتازة هذه الأيام بين أنقرة موسكو، فإنّ المسيّرات الإيرانية لا تمنع تطوّر العلاقات التجارية بين طهران وأنقرة، خصوصاً بعد إيجاد طريق جديد لنقل البضائع عبر البر قد يكون بديلاً حقيقياً لقناة السويس، يصل دول الخليج وجنوب آسيا بأوروبا.

ربما هي من المرات النادرة تاريخياً التي تجري فيها مصالح الصغار على موائد الكبار!

Read Previous

نصرالله… عن الغاز

Read Next

النائب ميشال موسى لموقعنا: جلسة تشريعية قريبة …فهل تتضمن خطة التعافي المالي؟