
كتب طوني طراد
البارحة أُدخل الممثل بيار شمعون المستشفى لإجراء “ميل”، لكنه فارقنا فجأة اليوم، هو الذي كان يعاني مرض السكري، لكنّه كان يتحَمّله بعَزم وخِفّة. فلم يظهر عليه يومًا أنه مُتضايق من أمر ما نظرًا لحيويته الدائمة وابتسامته التي لا تفارق وجهه على رغم الساعات الطوال التي كان يقضيها في تصوير مشاهد المسلسلات، خصوصًا في السنوات الخمس الأخيرة.
بيار شمعون الذي انبَهرنا بتمثيله المسرحي الكوميدي منذ ثمانينات القرن الماضي، كانت له علامات فارقة في الكثير من المسرحيات، منها: عَمّتي نَجيبه، هَريبِه يا أوادِم، عَريسَين مدري من وَين… وكان يَدفعنا الى الضحك المتواصل من خلال أدائه المُحَبّب في كل مسرحية، لعله يُنسينا هموم الحرب في لبنان…
وبعد أن أقفل المسرح أبوابه في السنوات الأخيرة لأسباب إنتاجية، كَثّف هذا الممثل المخضرم من حضوره في المسلسلات المحلية، فكان علامة مميّزة في العديد منها، وخصوصًا مسلسلَي “مَوجِة غضَب” الذي عُرض على شاشة تلفزيون الجديد ضمن 60 حلقة، ورصيف الغرباء الذي عرض على شاشة LBCI.
وبعد أن نَعته نقابة ممثلي المسرح والسينما والتلفزيون، إنتشر الخبر على مختلف وسائل التواصل الالكترونية، وكان هناك صعوبة بالغة في التواصل مع المخرجين والممثلين الذين عَايشوه، لعلهم يقولون فيه بضع كلمات تَفيه حقّه، لأنّ معظهم كان مَصدومًا من هذا الخبر المُفجع…
الممثلة كارمن لبس التي مثّلت معه دورًا لافتًا في مسلسل رصيف الغرباء، صُعقت بخبر وفاته، فاختنق صوتها ولم تستطع أن تضيف شيئاً على عبارة “ألله يرحمو”…
الممثلة رنده كعدي بَكت على الهاتف عندما أخبرتها برحيله، وصَرّحت بصَوتها المَخنوق: “لقد خسرنا علمًا من أعلام الفن والكوميديا… لقد كان بيار صاحب فضل كبير على المسرح الفكاهي، و”بَيّ النكتة”…
كلوفيس عطالله، المخرج والكاتب، والذي تربطه صِلة قرابة بالممثل المتوفّى، أوضح أنّ “بيار ممثل كوميدي من الطراز الرفيع، وهو يتحلّى بخِصال نادرة لأنه قريب من القلب، ولا يغار من بقية الممثلين بل يحاول أن يُقرّب بين المُتنافرين منهم…”.
بيار شمعون قمّة تمثيلية مِعطاءة، وفنّان محترف ومتواضع، يفتقد اللبنانيون ضحكته المُحبّبة لعلها تُنسيهم همومهم التي تتضاعف يومًا بعد يوم… لقد غادرنا وهو في أوج عطائه، بعد أن سَجّل علامة بارزة في الفن اللبناني ستظل راسخة مدى الأزمنة.