ما حاجة إيران للاتفاق النووي في ظل هذه الأرقام؟!

كتب رأفت حرب

غيّرت الحكومة الإيرانية من سياستها الخارجية من الرهان على العودة للاتفاق النووي – وهي عودة ترتبط بنسبة كبيرة بقرار أميركي ومفاوضات دولية معقدة – إلى النشاط الإقليمي الهادف لتعزيز التبادل التجاري والحركة الاقتصادية مع دول الجوار.

وفي حين أعلن مسؤول إيراني منذ أسابيع عن عودة الصادرات الإيرانية النفطية إلى مستوى ما قبل العقوبات، أحدثت الدبلوماسية الاقتصادية لطهران ما هو أكثر عمقاً، حيث بات لديها خط موازٍ لرفع العقوبات الأميركية والدخول بحرية إلى سوق النفط والغاز العالمي.

المُذهل في هذا الإطار أنه بعد مرور ثمانية أشهر فقط من تولّي إبراهيم رئيسي السلطة في البلاد، تم تحقيق قفزة نوعية في الصادرات مع دول الجوار، أدخلت لإيران أكثر من 21 مليار دولار، بحسب ما أعلنته رسمياً الجمارك الإيرانية.

وتُظهر البيانات في هذا الإطار أنّ مستوی الصادرات الإيرانية إلى 15 دولة مجاورة ارتفع نحو 96% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتأتي تركیا في مقدمة الدول التي شهدت نموّاً في استیراد السلع الإيرانية، حیث سجلت الصادرات إليها ارتفاعاً قیاسیاً، بنسبة 242%، تلیها الإمارات المتحدة العربیة بنسبة 162%.

وبشأن الدول الأخرى، سُجلت الأرقام التالية لجهة تطوّر الصادرات خلال الأشهر الثمانية الماضية: سلطنة عمان: 138%، ترکمنستان: 88.5%، العراق: 71.1%، أرمینیا: 69.2%، باكستان: 60%، أذربیجان: 46.2%، قطر: 22% والكویت: 7.8%.

هكذا تمكّنت الحكومة الإيرانية من الحصول علی عائدات تزید عن 21.753 ملیار دولار عبر التجارة مع الدول المجاورة خلال أقل من عام، بینما لم تتجاوز عائداتها التجارية مع نفس الدول عام 2021، 11 ملیار دولار.

كل هذا ولا تشمل الصادرات الإيرانية لدول الجوار النفط، مما یعني أن الحكومة نجحت في اتخاذ خطوة کبیرة نحو تحقيق السیاسة الاستراتیجیة الأكثر أهمیة، أي ربط الاقتصاد بالصادرات غیر النفطیة وتنویع مصادر الدخل.

وأكدت صحيفة “إيران” الحكومية أنّ الزیادة الكبیرة في صادرات البلاد إلى الدول المجاورة هي جزء من استراتیجیة الحكومة التي تسمیها “الدبلوماسیة الاقتصادیة”، حيث یمكن الرهان علیها لتغییر الظروف المعیشیة لصالح الشعب الایراني.

ولا تقتصر محاولات الحكومة للعثور علی طرق تمكّنها من مواجهة الضغوط الغربیة علی صادرات السلع، حیث بدأت تتابع استكمال المشاریع الكبری المتعلقة بالممرات التجاریة العالمیة عبر الأراضي الإيرانية، التي قد تحوّل البلاد إلى قطب للتجارة والنقل في الشرق الأوسط. وإذا تمكنت إيران من إتمام هذه المشاریع التي تحتاج إلى تمویل كبیر، فهي قد لا تحتاج بعدها لرفع العقوبات عن صادرات نفطها.

هنا يبرز مشروع “ممر شمال – جنوب” الذي یربط جنوب آسیا بروسيا وأوروبا، وتعتبر إيران محطة هذا الطريق الرئیسیة.

وتری أوساط اقتصادية أنّ استكمال هذا الممر يمثل انعطافة تاریخیة في اقتصاد إيران، رغم أنها لا تزال بعیدة عن إنهاء المشروع الاستراتیجي بشكل تام بالنظر لحالة بنيتها التحتية في مجال النقل.

Read Previous

ليزيكو: الخطوط الجويّة القطرية بطلة الأرباح والفائزة الكبرى في الأزمة

Read Next

إلسا زغيب لـ ميديا فاكتوري نيوز: هناك كثير من الأدوار “ما فَشَّيت خِلقي فيها بَعد”