
كتب مارون ناصيف
عادةً، وكما في كل دورة إنتخابية، تصدر النتائج الرسمية ومعها تتجه أنظار الرأي العام فوراً نحو النواب الفائزين وأصواتهم التفضيلية وأحجام كتلهم النيابية، ونحو من يملك الأكثرية في مجلس النواب ومن هي الشخصية التي ستنتخب في رئاسة المجلس…
هذا الرأي العام ينسى دائماً أن الدورة الإنتخابية ذاتها سجلت أرقاماً لمرشحين خاسرين، وبعض هذه الأرقام مُلفت للنظر أكان لناحية إرتفاعه أم لتدنّيه وإنخفاضه لدرجة قد تعرّض صاحبه للشماتة خصوصاً عندما يكون المرشح من الشخصيات المعروفة.
البداية مع هذه الأرقام الملفتة هي من دائرة بيروت الثانية. ففي هذه الدائرة التي قرر فيها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وراثة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري سياسياً، لم يتمكن مرشح السنيورة أي الوزير السابق خالد قباني من الفوز ولم يحصل حتى على أكثر من 3433 صوتاً وهو رقم قليل جداً مقارنةً بدائرة كبيروت الثانية التي يشكل عدد الناخبين السُنّة فيها أكثرية ساحقة وقد إقترع فيها 154721 ناخباً من أصل 394713 مسجلين على لوائح الشطب.
في بيروت الثانية أيضاً تخيلوا أن ستة مرشحين من أصل تسعة شكلوا لائحة لبيروت المدعومة من جمعية المشاريع – الأحباش، نالوا مجتمعين 202 صوتين فقط، ولم يتمكن أي واحد منهم من الحصول على 60 صوتاً وقد توزعت أصواتهم على الشكل التالي:
محمد أرضروملي 55 صوتاً
وليد عيتاني 53 صوتاً
جهاد حمود 38 صوتاً
خالد حنقير 35 صوتاً
ملري الجلخ 18 صوتاً
إياد البنا 3 أصوات
في دائرة بيروت الثانية أيضاً كان لافتاً جداً كيف ظلم جمهور إنتفاضة 17 تشرين مرشحين على حساب آخرين. فالناشط محمود فقيه الذي كان من بين مطلقي شرارة الثورة في 17 تشرين لم ينل إلا 534 صوتاً، كذلك المحامي علي عباس الناشط جداً على صعيد تقديم الإخبارات ومتابعة ملفات الفساد في قصور العدل، لم ينل إلا 803 أصوات، بينما حصل مرشحون آخرون على لائحة المعارضة آلاف الأصوات ووصل منهم الى الندوة البرلمانية كل من ابراهيم منيمنة ووضاح الصادق وملحم خلف.
أيضاً وأيضاً ضمن بيروت ولكن هذه المرة في دائرة بيروت الأولى، كان لافتاً جداً مجموع الأصوات التي حصل عليها المرشح عن المقعد الماروني على لائحة لوطني زياد أبي شاكر والذي نال 3142 صوتاً أي أقل بـ382 صوتاً من مجموع أصوات النائب بولا يعقوبيان التي نالت 3524 صوتاً وتصدرت مرشحي لائحة لوطني. هذا الرقم الذي ناله أبي شاكر، أي الـ3142 صوتاً جاء أقل بـ1283 صوتاً فقط من الأصوات التي نالها النائب الفائز بالمقعد الماروني نديم الجميل علماً أن الجميل نائب عن المنطقة منذ العام 2009 ومدعوم من حزب الكتائب وهو نجل رئيس الجمهورية بشير الجميل الذي أسس القوات اللبنانية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن أبي شاكر هو من سكان المتن الشمالي وهو في الأساس من أبناء كسروان وليس من ناخبي بيروت أو حتى من سكانها.
هذه الأرقام الملفتة للنظر التي سجلت فقط في دائرتي بيروت الأولى وبيروت الثانية. ولأنها كثيرة أيضاً في الدوائر الأخرى، ترقبوها في الجزء الثاني من هذا التقرير.