
كتب مارون ناصيف
في العام 2005 وصف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط العماد ميشال عون العائد من المنفى بالتسونامي، وفعلاً تحقق ما توقعه جنبلاط في صناديق الإقتراع.
في إنتخابات العام 2022 إنقلب التسونامي المؤيد للتيار الى شبه تسونامي ضده وقد ظهر ذلك جلياً في صناديق المغتربين اللبنانيين أما المستفيدون الأساسيون من شبه التسونامي هذا فهما، القوات اللبنانية ومجموعات إنتفاضة “17 تشرين” وبداية قراءة أرقام شبه التسونامي هذا ستكون من دائرة الشمال الثالثة التي يترشح فيها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
ففي دائرة الشمال الثالثة نالت لائحة القوات اللبنانية 1718 صوتاً من صناديق المغتربين. لائحة شمالنا حصدت 984 صوتاً من هذه الصناديق، بينما لم ينل التيار الوطني الحر أكثر من 800 صوت مقابل 819 صوتاً للائحة تحالف ميشال معوض مع مجد حرب والكتائب وحوالى 100 للائحة تيار المرده والحزب السوري القومي الإجتماعي فرع البريستول.
في المحصلة، بين المغتربين الذين أعطوا أصواتهم للقوات اللبنانية والذين صوتوا لصالح لائحة شمالنا، نحن نتحدث عن نسبة تفوق الخمسين في المئة من مجموع المغتربين الذي إقترعوا في قضاء البترون.
صحيح أن هؤلاء يتأثرون بما يتلقونه عبر وسائل الإعلام من حملات على حزب الله وحلفائه وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، وصحيح أيضاً أن دولاً عدة من دولهم تضع الحزب على لائحة الإرهاب وهذا يؤثر انتخابياً أيضاً على التيار حليف الحزب، لكن الصحيح أيضاً أن عدداً كبيراً منهم صوّت ضد آداء التيار الوطني الحر في الحكم طيلة عهد الرئيس ميشال عون وقبله.
أما السبب الأبرز الذي جعلهم يصوتون لصالح القوات وشمالنا، فهو موقف رئيس التيار النائب جبران باسيل من مسألة تصويتهم ومحاولة حصرها بالدائرة 16 يوم كان مجلس النواب في صدد تعديل قانون الإنتخاب أي قبل أشهر قليلة من موعد الإستحقاق.
يومها خاض باسيل في مجلس النواب معركة شرسة لإبقاء قانون الإنتخاب على صيغة العام 2017 التي تعطي المغتربين حق التصويت لستة نواب يمثلون القارات الست على أن يعطي المغترب الى أوروبا مثلاً صوته التفضيلي للنائب الذي يمثل القارة الأوروبية. وخاضت القوات داخل مجلس النواب ومجموعات المجتمع المدني في الشارع ووسائل الإعلام معركة تعديل القانون والسماح لكل مغترب التصويت بحسب دائرته في لبنان وهذا ما حصل في نهاية المطاف داخل الهيئة العامة التي عدلت القانون ونسفت الدائرة 16.
موقف باسيل هذا ولّد نقمة لدى المغتربين الطامحين للتغيير، وقد ترجمت هذه النقمة في صناديق الإقتراع. نقمة تنطلق من المعادلة التالية التي عبر عنها المغتربون :
نحن في دول الإغتراب لدينا كامل حقوقنا حيث نحن من الدول التي نعيش فيها، والنائب عن قارتنا لن يتمكن من تقديم أي شيء إضافي لنا لذلك إذا كنا نريد شيئاً من لبنان والسياسة اللبنانية هو تغيير التركيبة السياسية التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه من إنهيار وطيرت جنى عمرنا في المصارف اللبنانية.
فعلاً هي المعادلة التي بنت أكثرية المغتربين تصويتها عليها في السادس والثامن من أيار الفائت.