
كتب طوني طراد
منذ أكثر من ثلاث سنوات، يعاني الممثل غبريال يمّين، مثلما يعاني كل إنسان لبناني، الضائقة الاقتصادية. ولأنّه أستاذ جامعي منذ أكثر 30 سنة، يوضِح أنّ وَجعَه الحقيقي يَكمن في إيصال طلابه الى الغايات الأكاديمية التي يجب أن ينالوها لكي يُبدعوا في التمثيل والاخراج، على رغم الوضع المُتردّي في لبنان يومًا بعد يوم.
بعد هذا المشوار الطويل الذي قضاه في التعليم والتمثيل المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، يصرّح غبريال يمّين بأنه يَفتقد الى المُبدع ريمون جبارة، فهو “أستاذي وأبي في عالم المسرح، ولقد رافقني في سنواتي الجامعية الأربع، وأرشَدني لاحقًا الى كثير من الأمور في عالم المسرح والى تقنيّات لم أكن أفهمها حتى في الكتب… كما أن تجربتي الكبيرة مع الأستاذ والفنان كميل سلامة جعلتنا أصدقاء، ولا أنكر أنه ساعدني كثيرًا في مسيرتي المسرحية…”.
غبريال يمّين الشغوف بالمسرح تمثيلاً وكتابة، اقتبَسَ مسرحية “عْمادة”، وبدأ تمارينه عليها مع نخبة من الممثلين والممثلات كجوليا قصّار وطوني أشقر ودياموند أبو عبود… لكنّ الأوضاع المتردية جعلته يتردد في إطلاقها. وعن ذلك يقول: “لا أحب أن “أشحَد” الناس كي يأتوا لمشاهدة مسرحياتي، مع أنني أفهم حالتهم الموجِعة اقتصاديًا، كما انني أخاف من عدم حصول الطلاب والأساتذة الذين يمثّلون على حقوقهم، التي لا أقدر أن أعطيهم إيّاها من دون وجود أناس يشاهدون المسرحية باستمرار طيلة مدة عَرضها”.
ولقد كتب أيضًا مسرحية “نايب بالصِدفِه”، وهي مسرحية غنائية يمثّل فيها أكثر من 25 ممثلاً، إلّا أنه لم يعرضها حتى الآن، “لأنّ مشاكل الناس التي دَعتهم الى عدم الذهاب الى المسرح جعلتني “أُفَرمِل” إطلاقها”… ويشير الى انّ “هاتين المسرحيتين جاهزتان للعرض، ولكن يجب أن أتلقّى دعمًا ماليًا كافيًا لكي تُمَثّل مشاهدهما على خشبة المسرح”.
وعن الانتقادات الواسعة التي طالت فيلم “أصحاب وَلا أعَزّ” الذي كتبَه بنسخته العربية، صَرّح: “ككاتِب لهذا الفيلم كنت أنتظر الانتقادات، وكان المنتجون أيضاً يتوقعونها، لذلك هناك مشاهد أصلية من الفيلم الايطالي الأساسي كَتبتُها، لكنها حُذفت من النسخة العربية، وهي أقوى بكثير من المَشاهد التي طالتها الانتقادات، ولكنها بالنسبة لي كانت عنصرًا مهمًا في قصة الفيلم وإلّا لماذا بقيت في القصة الايطالية الأصلية… أنا لا أتفهّم هذه الانتقادات، والناس لديها الحرية في أن يعجبها الفيلم أو لا، لكنني كنت أعالج الواقع كما هو في هذا العمل السينمائي، ولا أحد يمكن أن يُنكره”.
وعن جديده في الكتابة السينمائية يوضِح: “بدأتُ بكتابة عملين سينمائيين لشركتَي إنتاج، واحدة لبنانية وأخرى عربية، لكنني لا أستطيع أن أعطي تفاصيل عنهما لأنّني أخاف السرقات الفكرية”.
أمّا عن رأيه في المسلسلات الدرامية اللبنانية التي تعرَض حاليًا على شاشات التلفزة والمنصات، فيقول: “كَتّر خير ألله أنّ هناك مسلسلات تُعرَض كي يَشعر المُشاهِد أنّ الدراما اللبنانية ما زالت تعيش… لكنني لا أفهم السرعة في صناعة الدراما، ولا أعتقد أنّها يمكن أن تؤدي الى نتيجة فنية جيدة… أحبّ أن “تشتغل” الدراما على أصولها، وعلى مهل، مع أن شركات الانتاج الحالية تضع كل جهودها لإنجاح أي مسلسل، لكن السرعة في التنفيذ والكتابة تخلق مشاكل كثيرة ليست لصالح الدراما والفن، وأفضِّل أن يشتغلوا المسلسلات الدرامية بنَهج سينمائي يُوفيها حَقها، ويُنصِف الممثلين فنيًا، فتخايَل مثلاً أنّ بعض المسلسلات في السباق الدرامي الرمضاني أصبحت تُعرض من دون شارة في بداية المسلسل ونهايته، فلا يعرف المُشاهد مَن كتب هذا المسلسل ومن أخرجه ومن مَثّل فيه، وهذا الأمر ليس صحيّاً للدراما”.
وعن جديده في التمثيل الدرامي، يوضِح أنه يؤدي دورًا مميّزًا في مسلسل جديد اسمه “بيوت من ورق”، من إنتاج شركة أون لاين بروداكشن لصاحبها زياد الشويري، وهو من تأليف آيا طيبة وإخراج أسامة شهاب حمد.
ويشير غبريال يمّين الى أنّ كتاباته في الدراما قليلة لأنه يكتب ما يقنعنه، ويوضِح: “في بعض الأحيان أرفض تعديل بعض المَشاهِد كما يرتئيها المُنتِج تِبعًا للمصلحة الانتاجية التي لا أفهمها كثيرًا وليس من الضروري أن أكون مُنتبهًا إليها… هناك حَبكة قصة خَلقتها وشخصيّات ابتدعتها واعتقَدتُ أنها مناسبة للتصوير، ولكن بعد مباحثات مع المخرج والمنتِج، وأحيانًا مع الممثلين، أكتشف أنّ القصّة وشخصياتها من الممكن أن تذهب الى مكان آخر “يَخدم” العمل أكثر”.
هذا الممثل المحترف الذي بَرع في المسلسلات الكوميدية، مثل “بَيت خالتي” و”نِيّال البيت”، يحنّ الى بطولة هذا النوع الذي لم يَعد يظهر على الشاشات منذ سنوات، ويوضِح: “أنا لستُ غائبًا عن الكوميديا ولكن أين هي؟ هل تطلب شركات الانتاج منّا أن نكتبها؟ ولماذا غَيّبوا الممثل كميل سلامة عن كتابتها؟ يطلبون منّي أن أكتب “سيدكوم” ولكن لهذا الفن أصول، فـ 80 في المئة من مَشاهِده تُصَوّر داخل الاستديو، لا عند جارَتِك في البناية حيث تتمازَج أصوات الممثلين مع أصوات صهاريج المياه والموتورات… الـ”سيدكوم” له أصوله في التقنيات التصويرية وحَبكة القصّة والتركيبة الكوميدية… وأنا أرفض أن تُصَوّر معظم مشاهده في السوبر ماركت أو الشوارع…”.
غبريال يمّين أستاذ جامعي وممثل بارع في جعبته الكثير من الابداعات التي يجب أن تُمَثّل وتُصَوّر وتُنتَج… فيا ليت شركات الانتاج تُباشِر في إطلاقها لأنها ستكسب أعمالًا ناجحة في مختلف المجالات الفنية.