عرض حركة أمل العسكري.. رسائل إلى الحزب وإلى البيئة الحاضنة! 

كتب فادي الحجار

 

لم تأخذ المناورة العسكرية التي أجرتها حركة أمل في الجنوب وتحديداً في منطقة النبطية ضجّة جدّية في وسائل الإعلام. ربّما لأنّ الواقع السيء في لبنان وتحلّل الدولة جعل مثل هذه الأخبار/الأحداث عادية وتمرّ مرور الكرام لدى المواطنين، وربما بسبب كثافة الأحداث بات العرض العسكري لتنظيم سياسي لبناني ليس على سلّم الأولويات. وربّما وربّما وربّما، لكنّ الأكيد أنّ ما حدث ليس عادياً ولا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لا في الإعلام ولا لدى الرأي العام اللبناني عموماً.

قبل الدخول في القراءة السياسية للحدث، ليس ترفاً استنكار هكذا عراضة مسلّحة، إذ إنّ ما حصل ليس نتيجة لضعف الدولة وانهيارها، بل هو أحد أسباب هذا الإنهيار، لأنّ حكم الأحزاب التي لا تحترم منطق المؤسسات هو الذي أدّى إلى الإنهيار ولأنّ هكذا سلوك في عزّ الأزمة يساهم بشكل كبير في تعزيز انهيار الهيكل العام للدولة اللبنانية. لقد ارتضت حركة أمل لنفسها أن تخرج من سياقها العسكري، وقبلت عن قناعة ربّما أن يستلم “حزب الله” المقاومة المسلّحة، الذي لم يعد، هو بذاته، يشكّل حالة إجماع، فلماذا هذه الردّة العسكرية؟

من الواضح أنّ الرسائل التي أرادت حركة أمل إيصالها من عرضها العسكري متعدّدة الإتجاهات، أوّلها رسائل داخلية، إذ إنّ الصراع داخل حركة أمل بات أكثر وضوحاً في الأشهر الأخيرة إذ بدأت بعض الأجنحة داخل الحركة صراعاً خفياً فيما بينها من أجل أن تثبّت واقعاً معيناً للنفوذ ولعلّ ما حصل مؤخراً من تحرّكات شعبية في الجنوب خير دليل على ذلك. لا تخرج المناورة العسكرية للحركة من إطار تثبيت بعض القيادات لمناطق نفوذها، وهذا لا يعني أنّ رئيس الحركة نبيه بري ليس في أجواء هذه التحرّكات وهذا الصراع بل لعلّه يرعاه.

ترجّح المصادر أن يكون العرض العسكري في منطقة النبطية يصبّ في نهاية المطاف عند النائب هاني قبيسي الرجل القوي داخل التنظيم والعسكري السابق فيه، لا بل تؤكّد أنّ قبيسي خير من لعب لعبة النفوذ وأفضل من استخدم أدواتها، خصوصاً أنّ منطقة النبطية هي إحدى أهم مناطق نفوذه الحزبية والشعبية.

لكنّ الرسائل لا تقتصر على الواقع الحركي، فالبعض يذهب للتأكيد على أنّ العرض العسكري رسالة إلى “حزب الله”، فالحزب الذي يعيد رسماً لعلاقته وموقعه في النظام اللبناني قد يشكّل خطراً جدّياً على واقع حركة أمل، خصوصاً أنّ نجاحه في الدور الجديد الإقتصادي المعيشي قد يستوجب خوض معارك مع أباطرة الدولة العميقة التي سيشكّل إضعافها إضعافاً لأمل ولأحزاب أخرى، من هنا كان لا بدّ من رسالة واضحة تصل للحزب تقول: “نحن هنا” وفي الميدان العسكري؛ بما معناه تركنا لك القضايا العسكرية لتبتعد عن قضايا الدولة فإذا انتفت الثانية ستنتفي الأولى.

رسالة ثالثة قد تكون وصلت إلى البيئة الحاضنة، إذ إنّ حركة أمل بحاجة إلى رسالة قوة جدّية تعيد شدّ عصبها بعد النكسات التي تعرّضت لها في الأشهر الماضية منذ حراك تشرين وصولاً إلى عراضات القوة والإقتدار التي قام بها “حزب الله” في قضية النفط الإيراني. قبل مدّة سادت أجواء تقول إنّ حركة أمل تحسّست من ماكينة الخدمات التي يؤمنها الحزب في البيئة الشيعية لأنّ الأمر كفيل بضرب التوازن في عملية الإستقطاب بين الثنائي داخل الطائفة، وعليه فقد تكون المناورة جزءاً من شد العصب وحراك إعلامي يعيد تكريس أمل بقوة في الشارع الشيعي أقلّه أمام بيئتها الحاضنة الحزبية.

Read Previous

مفاوضات سريعة مع صندوق النقد

Read Next

الرئيس عون عدّل الطائف بتطبيقه