
كتبت رندلى جبور:
قد أكون على الصعيد الشخصي من المؤيدين بل من المتحمّسين لفكرة تشكيل حكومة من لونِ واحد تأخذ قراراتها وتمشي. فتجربة التوافق في لبنان، أجهضت جوهر الديمقراطية المبني على فريقٍ يحكم وفريقٍ يعارض، وباتت السلطة معارضة والمعارضة هي السلطة في آن، وضاع الشنكاش. والتنبّه الدائم للحساسيات التي تعقّدها المسألة الطائفية لم يسهم في حل الأزمات بل زادها تعقيداً. ومن الظلم تحميل مسؤوليات لأفرقاء موجودين في السلطة ولكنهم مكبّلون أو عرضةً للعرقلة في كل آن. وما دامت كل التهم تُلصق بالعهد، فلماذا لا يشكّل حكومة كما يشتهي؟ حكومة تأخذ القرارات بعيداً من الكيدية والتعطيل. حكومة تصوغ تصوراً للإنقاذ وتطبّقه بعيداً من عراقيل الداخل قبل الخارج. حكومة تتوجه غرباً وشرقاً بحسب ما تُمليه المصلحة الوطنية العليا. حكومة تجتمع تحت سقف التناغم لا النكد. حكومة تتحمّل فعلاً المسؤولية!
ولكن الواقعية السياسية تفرض نمطاً مختلفاً من التفكير. ويعدّد مصدر سياسي عبر “Media Factory News” العوامل التي تمنع قيام مثل هذه الحكومة كالتالي:
أولاً: ليس هناك أكثرية واحدة ومن لون واحد في لبنان، بل الاختلاف في النظرة إلى الامور يكون حتى داخل ما يعتبره البعض فريقاً واحداً، وبالتالي إنّ فريقاً داخل هذا الفريق الواحد لا يستطيع تأمين الأصوات الكافية لتسمية المكلّف ولا الثقة للحكومة.
ثانياً: من الصعب في هذه الظروف، إيجاد شخصية سنّية تقبل بمثل هذه المهمّة الانتحارية في عزّ الانهيار ومن دون أي دعم من الطائفة السنية بشقّيها السياسي والديني، مع احتمالٍ راجِح أن تقاطعها الدول الخارجية وتفرض الحصار الساطع كما حصل مع الرئيس حسان دياب، مع أنّ دياب ليس من الوجوه التي يمكن تصنيفها ضمن وجوه المواجهة أو اللون الواحد، بل أتى على أساس أنه غير استفزازي وغير محسوب على هذا أو ذاك وصاحب اختصاص. فماذا يحصل بالتالي إذا كانت هذه الوجوه مثلاً مصبوغة بلون واضح من أمثال اللواء علي الحاج أو العميد مصطفى حمدان أو آخرين من الطراز ذاته؟
ثالثاً: إنّ خطوط حزب الله الحمر، واليوم أكثر من أي وقت مضى، هي الصراع الشيعي – الشيعي والصراع الشيعي – السنّي. وبالتالي، هو حتماً لن يدخل في لعبة المضيّ بإسم غير مقبول على الإطلاق من بيئته أو يستفزّها، ولا حتى بإسم لا يستسيغه الرئيس نبيه بري ولو اختلف التعاطي التكتيكي كمثل أن يسمّي أحد الطرفين شخصية فيما لا يسمّي الطرف الثاني أي إسم.
رابعاً: إنّ البلد “هادي على صوص ونقطة”، ولا يمكن لأحد أن يتحمّل مسؤولية أن يقدّم للآخر كبريتة على طبق من فضة، ليشعل بها فتيل الشارع. فالمجيء برئيس مكلّف من خارج بيئته، قد يحرّك الشارع ونحن أحوَج ما نكون إلى الحفاظ على نوع من الاستقرار الامني.
وأخيراً، إنّ أحداً لا يستطيع تحمّل مسؤولية المزيد من الحصار والعزلة التي يمارسها الغرب من دون حجج حقيقية حتى، فكيف إذا قدّمنا له تلك الحجة؟
المطلوب إذاً، وفق المصدر، الذهاب إلى نوع من اتفاق سريع ولو بالحد الأدنى المقبول على اسم يتمّ تكليفه الاثنين المقبل، وتسهيل مهمته إلى أقصى الحدود على أن لا يكون سعد الحريري آخر ويضيّع على لبنان واللبنانيين ما تبقّى من وقت وفرَص.